كان الشاعر الإنسان رابندرانات طاغور يرى الإنسان قدسيا، لأنه الصورة التي تتجلى فيها قدرة القادر وعظمة الخالق على الأرض- كان يحب الإنسان- أي إنسان- ويقدس حقه ويجهد في سبيله. لم يفقد قط حتى في أحلك ساعات حياته إيمانه بالإنسان.
استلهم شعره من روح الإنسان، ومن رسالة خالق الكون للبشرية جمعاء، ومن إيمانه العميق بأن كلمة الله العليا ورسالته للبشرية لن تدرك حق الإدراك إلا حين تسود الحرية وتتحقق العدالة الاجتماعية، هذا الإنسان المؤمن بحق كل منا في الحرية والعدالة الاجتماعية من حقه علينا وعلى الإنسانية التي وجه ضراعاته إلى مالك الملك لينقذها من مسالك الضلال ويهديها إلى الصراط المستقيم، والتي أرسل أغانيه وأشعاره ليوقظها من سباتها وينهضها من كبوتها، من حقه علينا أن نعيد قراءة فيض خواطره، وأن نردد أشعاره وأغانيه، وأن نلقنها أبناءنا ،ليشبوا مؤمنين برسالته عاملين على تحقيقها.
ووفاء لهذا الحق نصدر هذه المختارات من مقطوعاته الشعرية وهي الهلال وشيترا وجيتنجالي والبستاني وجني الثمار ومكتب البريد، فليس أحفظ للذكرى من إحياء فكر العظيم بمداومة قراءته حتى يستقر في النفس إيمانا يحفز للعمل من أجل الحرية والسلام ورعاية حقوق الإنسان: تلك المبادئ التي آمن بها طاغور ودعا إليها .