قد يظن الحضري أن من السهل أن يركب الجمل، في قافلة تسير في الأرض أسابيع أو أشهرًا في رفقة كيفما اتفق، هذا الخاطر أبعد ما يكون عن حقائق الأشياء، فإن رحلة مثل رحلة حسنين «بك» في جوف الصحراء، لا سلامة منها إلا بأعجوبة أو بتوفيق من الله عظيم.
إن المسافر في مثل هذا الطريق؛ وفي مثل هذه القافلة التي ليس بينه وبين أحد أفرادها شبه في منازع النفس، ولا في التربية ولا في فهم الحياة، ولا في مقومات الأخلاق، معرَّض كل ساعة للهلاك من خيانة مَنْ معه ومن خطأ الدليل، ومن خور الرواحل، ومن عاديات الطبيعة التي لا ترحم عادياتها، متى أثارت رياحها رمال الصحراء فتدفن أحياء، أولئك الأشباح الإنسانية التي تتمايل على ظهرها، كأنها تعاقبها على ترك مواطنها الطبيعية، وغشيان ما شاءت الطبيعة أن يكون قفرًا من كل ساكن، وعلى الخصوص من بني آدم، وعلى هذا النحو، ينبغي أن نقدر شجاعة رحَّالتنا المصري، ومقدار إخلاصه للاستكشاف. الواقع أنها رحلة شاقة، قال الدكتور هيوم:إن رحلة أحمد بك حسنين قد فتحت أمامنا منطقة عظيمة كانت حتى الآن من مجاهل الأرض.