يستعين العلامة «لوبون» في كتاب «حضارات الهند» بالأصول التي اهتدى إليها في كتابه «حضارة العرب» على الخصوص، فيعوِّل على مُحكم الأسانيد، ويعرض تطورات النظم الدينية والاجتماعية وعوامل هذه التطورات، ويبحث في الحوادث التاريخية كما يُبْحث في الحادثات الطبيعية، ويبعث الأجيال الغابرة بما انتهى إليه من الكتابات والنقوش والرسوم وبِعَرْض صورٍ لبعض آثار تلك البلاد الهائلة التي هي مَنْبِت كثير من المدنيات والمعتقدات.
ويسير العلامة «لوبون» في كتابه على طريقة التحليل العلمي، فيوضح فيه الصلة بين الحاضر والماضي، ويظل مخلصًا فيه لسنن النفس والتطور، فينتهي إلى نتائج لم يصل إليها عالم قبله، فيظهر هذا الكتاب للعالم بِدعًا في درس حضارات الهند درسًا شاملًا، ويظهر هذا الكتاب خيرَ كتاب عن الهند، إن لم يكن من أحسن الكتب عنها، وذلك في بابه وروحه ومناحيه وقوة التحليل فيه، ووصول «لوبون» فيه إلى ما نَشَده من الأهداف الاجتماعية والأدبية والدينية والسياسية، إلخ.