طالعتُ مجموعةَ كتب عبد الجبار الرفاعي الأربعة عن الدين وطالعتْني، قرأتُها وقرأتْني، وما خرجتُ عنها يوم خرجتُ إلّا إليها، أَتَظَاهَرُ بها عليها. إنّها رحلةٌ إيمانيّة لمن أراد الإيمان، ودفاترُ نقديّة لمن رام العقل، وأفكارٌ مثيرة لمن أراد الجدل. وكما تظهر الأسماءُ الإلهيّة في العالم وتتكشّف وتتجلّى في محالِّها، فإنّه ما عاينتُ اسمًا ظاهرًا في منطوقها، أو كامنًا بين ألفاظها وسطورها كاسم الله الرحمن الرحيم، الذي لم يغب عنّي لحظةً مدّةَ إقامتي بجنباتها، ونزولي عليها، ونزولها عليّ. ويكفيها حسنًا وجمالًا ما أُلْبِسَتْ من رداء رحمانيّ، ولا أحسب يخلو قُرَّاؤها عن أربع؛ متفاعل معها بالقبول والإثبات في عصر يعتريه الشكُّ والريبة، أو معتبرٍ إياها نصًّا مؤسِّسًا يُحشِّي عليه شرحًا ونقدًا، أو مستضيئٍ بها أمورًا وأبوابًا لم يطرقْها قبل، أو مُناهضٍ للمقدَّس تَحَيَّد بها إن قرأها دون استبداد مِنْ تَحَيُّز. تمتاز هذه المجموعة في أجزائها الأربعة وثناياها التي تناقش ما يتعلّق بالدين، بطريقة مازجة بين العقل والروح والقلب والأسلوب الأدبي، بأنّها الأفضل والأكثر نجوعًا وتأثيرًا في رأيي. إنها أشبه بتدوين رواية أو قصّة تحكي فلسفة الرفاعي الإيمانيّة على الطريقة الحديثة، فيحشد فيها آراءه الدينية بطريقةٍ يَغْشَى فيها الروحُ العقلَ، والعقلُ الروحَ، فتنفذ فيهما إذا ما كان النفاذُ بسلطان.