العقل الآلي، أو ما يعرف بالذكاء الاصطناعي، لا يُعد مجرد إنجاز علمي ظهر حديثًا؛ بل هو ثمرة لعقود طويلة من التراث الفلسفي والعلمي، يمتد لأكثر من ألفي عام من الأفكار والنظريات المتعلقة بفهم الإدراك وعمليات التعلم، بالإضافة إلى أربعمائة عام من التقدم في الرياضيات الذي وضع الأسس لنظريات محورية في المنطق، الإحصاء، وعلوم الحاسب. هذا الإرث العريق يُشكل أساس الذكاء الآلي في العصر الحديث، حيث يسعى هذا المجال التقني إلى تطوير أنظمة تمتلك قدرات مماثلة للذكاء الإنساني، مستفيدًا من مبادئ من علوم الكمبيوتر، الرياضيات، علم النفس، الفلسفة، وعلم الأعصاب. بفضل إمكانياته الهائلة في التعلم والتأقلم، حيث يلعب دورًا مركزيًا في تحسين مستويات المعيشة عبر طائفة واسعة من الميادين. يُعدّ هذا التقدم بمثابة قوة دافعة نحو مستقبل ملئ بالابتكارات.
ويتناول الكتاب في تفصيل كيفية بناء نماذج ذكية إلكترونية قادرة على الاستقلالية في التعلم من خلال استيعاب المعلومات، التحليل الدقيق للبيانات، واستخلاص العلاقات لتقديم قرارات مستنيرة وتفاعلات ملائمة للتحديات المطروحة. ومع ذلك، ينبري المؤلف لمناقشة التحديات الأخلاقية والمخاطر الناشئة عن الاعتماد المتزايد على هذه التقنيات. يبحث في كيفية إمكانية أن تسفر هذه المخاطر عن تحولات جوهرية ليس فقط في البنى المادية لمجتمعاتنا بل وفي السلوكيات والمعتقدات، مما قد يهدد جوهر الخصوصية الإنسانية.