إن حاجة المسلمين إلى الحوار اليوم أصبحت ملحة، لأنها حاجة داخلية وخارجية معا. سواء للحوار الداخلي بين أبناء المجتمع المحلي، أو الحوار التفاعلي بين أقطار العروبة والإسلام؛ فبالحوار تتقارب النفوس، وتتعاظم الروابط، وتتمازج الأفكار، وما يجمع بلدان العالم الإسلامي: عقديا، وفكريا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا، أضعافا مضاعفة لما يجمعها مع أقطار العالم الأخرى، لأننا بالحوار سنتقارب، ومن ثم سنبحث عن المصالح المشتركة وما أكثرها، وكلما حققنا مصلحة، وأصبنا هدفا، ازددنا قربى، وصارت العلاقات وشائج، وانمحت بالتالي الخلافات، وتضاءلت الاختلافات، ونبذنا الفرقة، واقتربنا من الوحدة.
ولن يتحقق حوار خارجي إلا بإتمام الحوار الداخلي بين المسلمين، بتجاوز الحدود السياسية، والارتقاء فوق النزعات القومية، والخلافات المذهبية، عبر تفعيل النظر في القواسم المشتركة ليتم البناء عليها. فصورة المسلمين اليوم أمام العالم تبعث على الأسف، وليس السبب في نظرتهم هم، وإنما السبب في تقاعسنا نحن، حتى وإن كانت لديهم أسباب متعددة للتجني علينا، فهي عائدة لغيابنا عن الساحة الثقافية العالمية، ولافتقادنا لحوار داخلي، يخرج برؤية مشتركة حول أبرز القضايا العالمية، ومن ثم نشارك بها في الخارطة الفكرية العالمية، بكل مستجداتها اليومية.