قد تجرَّد النبيﷺ لأداء ما كلف به من مهمة، وما حمل من أمانة، فأخذ نفسه بأشد ما يأخذ الرجل به من الجهد والمشقة في ذات الله، وأنفذ أمر الله في نفسه فيما اختصه به من التكاليف، كما أنفذ أمر الله في كل ما كُلِّفَ أن يأمر الناس به، وقد بدأ بأهله وذوي قرباه فأنذرهم وبشَّرهم، واستجاب له منهم من استجاب وأبى عليه من أبى. ثم أُمر بتعميم دعوته فأنذر قومه وبشَّرهم ودعاهم إلى الإيمان والبر والمعروف؛ فلم يستجب له منهم إلا أَقَلُّهُم، وامتنع عليه أكثرهم، ثم لم يكتفوا بالامتناع بل لم يلبثوا أن ضاقوا به وبدعوته، وجعلوا يرُدُّونه ردًّا رفيقًا أحيانًا، ويرُدُّونه ردًّا عنيفًا في أكثر الأحيان. ثم تألَّبُوا عليه وجعلوا يؤذونه في نفسه وفيمن تبِعه من الناس بأيديهم وألسنتهم. ثم أصبحت الحياة بينه وبين قومه جهادًا متصلًا عنيفًا أشد العنف وأقواه. ولكنه صبر لهذا الجهاد كما أُمِرَ أن يصبر واحتمل فيه من ألوان المشقة ما ينوء بالرجال أولي العزم كما أُمر أن يحتمل، وجعل يُصبِّر أصحابه ويُهَوِّنُ عليهم ما كانوا يلقون، وما أكثر ما كانوا يلقون من ضروب الفتنة والعذاب!. طه حسين
دعاء الكروان
طه حسين
bookالأيام : الجزء الأول والثاني
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : عثمان
طه حسين
bookالأيام : الجزء الثالث
طه حسين
bookالشيخان
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : علي وبنوه
طه حسين
bookالوعد الحق
طه حسين
bookفى الشعر الجاهلى
طه حسين
bookصوت باريس
طه حسين
bookدعاء الكروان
طه حسين
bookالحب الضائع
طه حسين
bookفي الصيف
طه حسين
book