تختلف الأفكار والتصورات حول "الصالونات" إلى حد التناقض، فهي بين متحمس، مشارك يرى في انتشارها علامة صحة اجتماعية ونفسية وحضارية، ومستهين يحكم بانقضاء زمنها، أو تخبط جدواها، وانحرافها عن أهدافها، ولكل من الفريقين أسبابه واستدلالاته، وسنرى أنه عقدت ندوات خاصة في الصالونات محددة لمناقشة هذه القضية. ولا يغيب عن مؤلف الكتاب أن يستحضر مبدأين:
المبدأ الأول: أن "الصالون" – مهما كان موضوعه أو اتجاهه أو مستواه - يعمل بين الناس، يتحقق بالمجتمع ، فهو ليس نشاطا فرديا، قد يبدأ بفكرة فرد، ولكنه لا يأخذ صورته إلا بالحضور المتنوع العام، وبالاستمرار، واستقرار النسق التنظيمي.
المبدأ الثاني: أن الأدب والفن الثقافة وغيرها من المنتج الوجداني البشري لا يكتمل وجوده إلا بحضور المتلقي، فلا معنى لإبداع يختزنه صاحبه فيغلق عليه صدره أو أوراقه، بل إن النظريات النقدية الحديثة ترهن مبدأ اكتمال الوجود بإغلاق الدائرة المكونة من ثلاثة أقطاب: المنتج، المتلقي، الناقد الذي يعني عدم الاكتفاء بالتلقي السلبي، فلابد من ناقد يعيد القول إلى المبدع ليقوم تجربته الآتية، وإلى المتلقي العام، ليوثق علاقته بالإبداع ويرشِّد المعرفة بأن يضعها في مكانها الصحيح.