وقد بلغ الملك من ذلك ما أراد، فخدع حاشيته كلها، خدع أهل دولته جميعًا، وخيل إلى الذين يقربون منه أو يبعدون عنه أنه أرضى الناس عن الحياة وأسعدهم بها، إلا اثنين لم يستطع أن يخدعهما ولا أن يغرهما؛ وهما شهريار نفسه، وشهرزاد تلك الساحرة الماهرة الماكرة التي كانت تعلم حق العلم بما يضرب في نفس الملك من قلق وما يملأ قلبه من حزن، فترثي له حينًا وتشمت به أحيانًا، وتختلس إليه بين وقت ووقت نظرات كأنها السهام فيها كثير من العطف، وفيها كثير من القسوة، وفيها كثير من الإغراء الذي يثير الطمع، وفيها كثير من الإباء الذي يملأ النفس يأسًا وقنوطًا، ولكنها على ذلك كله لم تبادل الملك بشيء مما كانت تعلم، وإنما عاشت معه حفية به متلطفة له غامضة مع ذلك أشد الغموض.
دعاء الكروان
طه حسين
bookالأيام : الجزء الأول والثاني
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : علي وبنوه
طه حسين
bookالأيام : الجزء الثالث
طه حسين
bookالشيخان
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : عثمان
طه حسين
bookالوعد الحق
طه حسين
bookفى الشعر الجاهلى
طه حسين
bookمرآة الإسلام
طه حسين
bookمستقبل الثقافة في مصر
طه حسين
bookفصول في الأدب والنقد
طه حسين
book