كنا في تلك العهود أحرارًا نفكر ونقول، كما نريد أن نفكر ونقول، كنا نلقى ألوانًا من المقاومة فلا تزيدنا إلا طموحًا إلى الحرية وإمعانًا فيها، وكنا ننظر إلى الجهاد في سبيل الرأي وحرية الرأي على أنه حاجة من حاجات الحياة، وضرورة من ضرورات الوجود الحر، فأين نحن من هذا الآن؟. كنا نشكو أحيانًا ظلم الحكومات وجنوحها إلى الاستبداد ونصرها للجمود، ولكنَّا كنا نجد الشعب دائمًا مواتيًا لنا، يمنحنا نصره، ووده، وعطفه، وتأييده. أما الآن فقد اشتد عنف السلطان، وأسرف في الشدة حتى اضطر الكتَّاب والخطباء إلى أن يفكروا ويقدروا، ويطيلوا التفكير والتقدير قبل أن يكتبوا أو يقولوا، وقد وجد الاستبداد الرسمي المتصل لنفسه أنصارًا وأعوانًا من طبقات الشعب لم يكن ليظفر بهم من قبل. فوُجدت أحزابٌ مهما تكن ضئيلة قليلة الخطر؛ فهي أحزاب منظمة تناصر الجور والاستبداد، وتدعو إلى التأخر والرجوع إلى وراء، وليس في هذا شيء من الغرابة؛ فقد كثُر الاضطراب في نظمنا السياسية، وطال عهد البلاد بحكومات لم تكن تقدِّر الحق ولا العدل ولا القانون، ولم تكن تقصِّر في التماس الأعوان ولا الأنصار، بألوان الترغيب والترهيب. طه حسين
الأيام : الجزء الثالث
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : علي وبنوه
طه حسين
bookالأيام : الجزء الأول والثاني
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : عثمان
طه حسين
bookدعاء الكروان
طه حسين
bookالشيخان
طه حسين
bookالوعد الحق
طه حسين
bookفى الشعر الجاهلى
طه حسين
bookمرآة الضمير الحديث
طه حسين
bookالشيخان
طه حسين
bookما وراء النهر
طه حسين
bookالحب الضائع
طه حسين
book