في هذا الكتاب يستعرض الكاتب الموسوعي محمد كرد علي معالجة بعض مشاكلنا الاجتماعية، وعرض لوصف طبقة من الناس عاصرها ، ومن هنا فالكتاب مرآة لعصره .
من أجواء الكتاب .. يقول المؤلف : أكُلَّما جنى جانٍ قلنا له: استغفر وتب، وأنت في حِلٍّ مما كسبت يداك، فإذا عاد لما نُهي عنه أملينا له ما أملى هو لنفسه في الباطل؟ وكيف لعمري يسامَح صاحب الكبيرة على كبيرته، وهو مُصِرٌّ عليها لا يحيد عنها، ويقال للظالم لنفسه أو لغيره: إن باب التوبة مفتوح أمامك، تدخل منه متى شئت، فتعود كيوم ولدتك أمك؟
إذا كان القاتل يَقتل ويقول تبتُ، والظالم يظلم ويقول رجعتُ، والفاجر يفجر ويقول أنبتُ، فلِمَ الشرائع نحتفظ بحدودها، وما الفائدة من القوانين، نُعنى بتطبيق مفاصلها؟
كان أحد المشايخ يسترضيني عن رجل أساء إليَّ على إحساني إليه، ويورد ما أُمرنا به من معاملة المسيء والعدو، فقلت له: إني خُلقت كما خُلق هؤلاء الذين تراهم من لحم ودم، وعصب وعظم، يُغضبني ما يغضبهم ويرضيني ما يرضيهم، وأرى السلامة في البعد عمن أساءوا، ولا رجاء منهم أن يحسنوا، ألوي وجهي عنهم، لا أنظر إليهم ما عشت.