الذي أستطيع أن أحققه هو أن صاحبي هذا الفخم الضخم الطويل العريض قد فطر على شيء من أخلاق الذباب، وأظهر ما ركب فيه من ذلك، هذا التهالك الملح الذي يمنعه أن يعيش بنفسه، وأن يعيش لنفسه، وأن يستقل بشخصه لحظة من لحظات الحياة، فهو دائمًا تابع لشيء أو تابع لإنسان، وهو دائمًا ملح في التتبع للأشياء وللناس، وهو يحيا من هذا التتبع، ولا يستطيع أن يحيا بدونه، وهو من أجل هذا مدفوع إليه بالغريزة القاهرة التي لا يدبرها عقل، ولا تصرفها إرادة، وإنما هي مندفعة أمامها لا تردها الأحداث، ولا تصدها الخطوب. وهنا يظهر الفرق الواضح بين صاحبنا وبين الذباب؛ فليس للذباب ما يحميه منا إن أردنا أن نرده أو نصده أو نخلص منه؛ بل كل شيء يغرينا بذلك، ويحثنا عليه، ولكن صاحبنا قد وجد من الحياة الاجتماعية، ومن نظم الحضارة وقوانينها، ومن الشرائع المنزلة، والشرائع المتكلفة ما يوفر له الحماية كل الحماية، ويبيح له أن يكلف الناس من أمرهم شططًا، وأن يعذبهم عذابًا أليمًا. طه حسين
الفتنة الكبرى : الجزء الثاني
طه حسين
bookالوعد الحق
طه حسين
bookالشيخان
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : علي وبنوه
طه حسين
bookالأيام : الجزء الأول والثاني
طه حسين
bookالفتنة الكبرى : عثمان
طه حسين
bookدعاء الكروان
طه حسين
bookالأيام : الجزء الثالث
طه حسين
bookفى الشعر الجاهلى
طه حسين
bookفي الصيف
طه حسين
bookخصام ونقد
طه حسين
book