قد كان للإسبان قبل دخول العرب إليها شيء من المدنية القوطية، وكانت هذه المدنية شائعة في أوروبا الوسطى على أثر اكتساح القوط للدولة الرومانية في أوائل القرن الخامس للميلاد. وقد اندمج القوط في البلاد التي فتحوها وفنيت لغتهم في لغتها، واتصلت مدنيتهم بمدنيتها، ولم يضع الإفرنج لها فنًّا خاصًّا بها إلا في القرن الثالث عشر للميلاد، وأقدم أثر لهذا الفن بأوروبا هو كنيسة كولونيا بألمانيا، أما إسبانيا فأضخم وأعظم أثر فيها هو دير الإسكوريال الذي بناه فليب الثاني في النصف الثاني للقرن السادس عشر.
ووضع الأوربيون بعد ذلك للبناء العربي الأندلسيِّ الجميل فنًّا خاصًّا به سموه استيل مورسك أخذوه على الخصوص من قصور الحمراء. وقد دخل أصل هذا الفن مع العرب إلى إسبانيا؛ فإنهم لما جازوا إليها نقلوا معهم بعض مدنية الشرق، ولما فرغوا من حركة الفتح في السنين الأولى من جوازهم إلى الأندلس أخذوا في تخطيط الدور، وتشييد القصور، وحفر الترع، وإقامة الجسور، وبناء القناطر.