يتبادر إلى الذهن سؤالٌ يحير كثيرًا من الناس: هل يأتي بعض الأفراد إلى الدنيا وقد غُرس فيهم بذور شخصية قوية بطبيعتهم، في حين يولد آخرون بشخصيات هشة كأوراق الخريف؟ أم أن مسائل القوة والضعف هذه ليست إلا ثمرات يمكن غرسها ورعايتها؟ بين أحضان الظروف التي يُولد فيها الإنسان، ينبت بعضهم قويًا كالسنديان، إذ كما يرث الفرد لون بشرته أو شكل عينيه من أسلافه، كذلك ينتقل إليه وراثيًا نسيج شخصيتهم النفسي بدرجة ما. لكن، هذا لا يعني أن الذين لم يحظوا بإرث القوة الشخصية من الآباء عاجزون عن اكتسابها؛ فليست كل الصفات الموروثة مطبوعة بصمةً لا تمحى.
إن الحياة، بكل تقلباتها والتجارب التي تمر بها روح الإنسان، تعمل كنحات ماهر يستطيع تشكيل الصفات المرغوبة داخل النفس، لتزهر في الشخصية وتنمو. وهكذا، يمكن للضعيف أن يتحول إلى قوي مع تقلب الأيام، كما يمكن أن يولد الفرد قويًا بفعل الوراثة، ثم يفقد تلك القوة تحت وطأة ظروفه الاجتماعية والعائلية، حتى يخبو بريق شخصيته بشكل ملحوظ.