كانت حِكَم فتاحوتب لدى قدماء المصريين من الكتب الهامة جدا ،حتى إنهم كانوا يعلمونها أولادهم في المكاتب والمدارس، ويقرءونها في المنازل والمجالس؛ لهذا عثر البحَّاثون في الآثار المصرية على نسخ عدة من هذا الكتاب النفيس، ولا يخفى أنَّ كثيرًا من الكتب النافعة الممتعة وُجدت حيث كانت معاهد العلم، ولولا تعدد نُسخها ما عثرنا ببعضها بعد مرور ستين قرنًا من تاريخ تأليفها وانتشارها.
وقد علمنا من ورق البابيروس «البردي» أنَّ طلاب دار العلوم المصرية القديمة كانوا يكتبون في اليوم ثلاث صفحات من حِكَم فتاحوتب؛ «لِيُحسِّنوا خطوطهم، ويُهذبوا نفوسهم، وليتخرجوا في فنون البلاغة والإنشاء؛ لسلاسة أسلوب الحِكَم والنصائح المذكورة» وتلك الكراسات التي كتبها شُبَّان المصريين القدماء هي التي يصرف مُحِبُّو الآثار في هذا العهد أيامهم ويُوقفون أعمارهم على البحث عنها، والتنقيب عليها، ونقلها من اللغة القديمة إلى اللغات الحديثة.
ومِمَّا أبقاهُ لنا الدهر من أوراق ذلك العهد كتابٌ «حِكم فتاحوتب»، وتاريخ الكتاب فمعروف ولا خِلافَ في أمره؛ لأن مؤلِّفه ذكر عن نفسه أنه وضعه في عهد الملك إيسوسي، وهو آخر ملوك الأسرة الخامسة، فكأنَّ فتاحوتب وضع كتابه في القرن السادس والثلاثين قبل المَسيح؛ أي منذ خمسة آلاف وخمسمائة سنة.