هذا الكتاب في أجزائه العشرة هو إقامة حد بين عهدين لم يبق ما يسوغ اتصالهما والاختلاط بينهما، وأقرب ما يميز به هذا المذهب أنه مذهب إنساني مصري عربي، إنساني؛ لأنه من ناحية يترجم عن طبع الإنسان خالصًا من تقليد الصناعة المشوهة؛ ولأنه من ناحية أخرى ثمرة لقاح القرائح الإنسانية عامة، ومظهر الوجدان المشترك بين النفوس قاطبة، ومصري؛ لأن دعاته مصريون تؤثر فيهم الحياة المصرية، وعربي؛ لأن لغته العربية، فهو بهذه المثابة أتم نهضة أدبية ظهرت في لغة العرب منذ وجدت، إذ لم يكن أدبنا الموروث في أهم مظاهره إلا عربيًّا بحتًا يدير بصره إلى عصر الجاهلية.
وقد مضى التاريخ بسرعة لا تتبدل، وقضى أن تحطم كل عقيدة أصنامًا عبدت قبلها، وربما كان نقد ما ليس صحيحًا أوجب وأيسر من وضع المعيار الصحيح، وتعريفه في جميع حالاته، فلهذا اختار المؤلفان- في هذا الكتاب الرائد - تحطيم الأصنام الباقية على تفصيل المبادئ الحديثة.