هذا كتابٌ عن نابليون يَروِي للقارئ شيئًا غيرَ حروبِه وفتوحاته.فقد قيل وأثبتَ الطبُّ أنَّ للصحة والمزاج تأثيرًا كبيرًا في حياة الإنسان وأعماله.ولا يتوهَّم القارئ أنَّ هذا البحث خِلْوٌ من الفائدة العملية، فإنَّ رجلًا كنابليون طبَّقتْ شهرتُه الآفاق، وترك طابعَه على عصرِه والعصور التي تَلِيه، ليس من الحكمة أن يُغفَل تاريخُه الصحي أو تُجهَل حالةُ سُلالته من هذه الوجهة، ولا سيَّما أنَّها تُعَدُّ للباحث مثالًا واضحًا من الوراثة المرضية تتجاوز فائدته الطبية إلى المؤرِّخ، فقد ظهر اليومَ بما لم يَبْقَ معه مجالٌ للشكِّ أنَّ هذا المزاج الذي يُسمُّونه: الأرتريتيكي هو من أهم عوامل التقهْقُر في الأُسَر المالِكة. وقد كان نابليون مُقْتَنِعًا بتأثير الوراثة إلى حدِّ أنَّه وهو على سرير الموت كان شغلُه الشاغلُ أنْ تُتَّخَذ الحيطةُ اللازمةُ لحمايةِ ابنِه من الدَّاء الذي هدَّ كيانَه.
ولذلك أوْصَى بتشريح جثتِه وفحْصِ معِدَتِه بوجْهٍ خاصٍّ؛ لاعتقاده أنَّ فيها مركز الداء، ولم يُخْطِئْ ظنُّه، كما أثبت التشريح المرضي بعد ذلك، فقد وجدوا قُرحةً سرطانيةً في المعدة، كما وجدوا أثرًا للسُّلال في رِئَتِه.