ذكر الثقات من الأطباء المحدثين بعد النظر في المشاهدات المؤيدة بالتجارب أن النوم فطرة في الإنسان، وشبهوا بين هذه الفطرة وبين الطعام فقالوا: يستطيع المرء أن يمتنع عن الطعام أو النوم لعدة أيام، أقصاها لا تتجاوز العشرين، وإن كان بين فقراء الهند من يستمر أكثر من ذلك، ولكنهم قلة نادرة لا يحسب لها حساب.
ولكن الإنسان كلما أمعن في الحضارة ابتدع ألواناً من الحياة لا تلائم فطرته، وهي علة شقائه، وسبب همومه، والسبيل إلى فنائه. ومن هذه الأمور التي اعتادها الناس مع حياة المدنية أن يسهر المرء طول الليل، ثم ينام معظم النهار. واستعاض القدماء بضوء الشموع والمحدثون بنور الكهرباء، على تبديد ظلمات الليالي، وأخذوا ينفقون أوقاتهم في اللهو والعبث.