كانت عيون الخطب التي حفظها التاريخ قليلة معدودة؛ لأن الخطبة ينطق بها الخطيب أمام الحشد ويعيرها فيضًا من شخصيته من حيث انطلاق اللسان ورشاقة الحركة وجهارة الصوت تفقد هذه الميزات إذا عرض لها المؤرخ وهو منفرد جالس في هدوء مكتبته؛ لأنه وهو في هذه الحال يسلط عقله على إنشاء لم يقصد به مواجهة العقل فيرى بهرجًا ما كان يظنه المجتمعون وهم في نشوة عواطفهم جوهرًا خالصًا.
وقد جمع المؤلف في هذا الكتاب عيون الخطب التي رضيها المؤرخون واحتملت تمحيصهم فدونوها وأبقوا عليها. وقد قسمت إلى جزأين؛ الأول: يحتوي على خطب العرب، والثاني: يحتوي على خطب الأوروبيين قديمهم وحديثهم. ومهَّد المؤلف لكل خطبة بترجمة مختصرة عن الخطيب.
وقد أورد المؤلف هذه الخطب بنصوصها الأصلية وقد يجد القارئ في بعضها من المخالفة لروح العصر الحاضر وإنما أثبتت لقيمتها التاريخية.