إن فكرتنا عن الإنسان تختلف تبعاً لإحساساتنا ومعتقداتنا، فالشخص المادي والشخص الروحي يقبلان نفس التعريف الذي يطلق على بلورة من الكلوريد، ولكنهما لا يتفقان أحدهما مع الآخر في تعريف الكائن الحي. وعالم وظائف الأعضاء الذي يبحث في عمليات الجسم الميكانيكية ومثله عالم وظائف الأعضاء الذي يبحث في مذهب الحياة نفسه لا يمكن أن ينظرا إلى جسم الإنسان من زاوية واحدة. لقد بذل الجنس البشري مجهوداً جباراً لكي يعرف نفسه، ولكن بالرغم من أننا نملك كنزاً من الملاحظة التي كدسها العلماء والفلاسفة والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان، فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا.. إننا لا نفهم الإنسان ككل.. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة، وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا، فكل واحد منا مكون من موكب من الأشباح، تسير في وسطها حقيقة مجهولة.
وواقع الأمر أن جهلنا مطبق. فأغلب الأسئلة التي يلقيها على أنفسهم أولئك الذين يدرسون الجنس البشري تظل بلا جواب، ما هي طبيعة تكويننا النفساني والفسيولوجي؟ ما هي العلاقة بين الشعور والمخ التي ما زالت لغزاً ؟ إلى أي مدى تؤثر الإرادة في الجسم؟ كيف يتأثر العقل بحالة الأعضاء؟