"التشبيه" مصطلح بلاغي، يعتمد في أساسه على وجود نوع من التماثل بين شيئين أو أكثر، إن الحدّ الاصطلاحي (البلاغي) للتشبيه، قد أهمله معجم لسان العرب، كما أهمله معجم أساس البلاغة، ولكن ابن منظور (صاحب لسان العرب) تعقب أهم خصائص فن التشبيه ودلالته البلاغية، وهي: التماثل وخروج الشيء عن ماهيته ودخوله في ماهية شيء آخر (كالنحاس إذا قارب لون الذهب سمي الشبه) وكذلك تدل الكلمة على الالتباس وتداخل الحدود وهذا أمر مهم في تحديد وظيفة التشبيه البلاغية .
ولاشك أن التعبير بالصورة جوهر التعبير الفني هو الذي يمنح الأسلوب خصوصيته. ويدل على نشاط المخيلة عند الشاعر أو الكاتب وإذا كان الإنسان قد اخترع اللغة المتداولة، ليبني بها مجتمعاً متفاهماً يتبادل المنافع والمساعدة فإن الألفاظ المحددة والمعاني التجريدية تكفي لأداء هذه المهمة بل إنها اللغة المطلوبة بدقة في مجالات التعاقد (كالبيع والشراء والتأجير مثلا) والإدلاء بالمعلومات (كالشهادة وكتابة التقارير) ونقل المعرفة العلمية (كالجغرافيا، والطب، والهندسة)، ولكن هذه اللغة المحددة، التجريدية، ستكون قاصرة عن أداء وظيفتها إذا كان القصد هو تنشيط الخيال وتحريكه للتأثير على العواطف وإثارة الانفعال.
وقد اهتم النقاد والبلاغيون القدماء بفنون التصوير البلاغي، التي تأخذ صيغة المجاز وهي الاستعارة والكناية وكذلك اهتموا بالتشبيه، بل إن اهتمامهم بالصورة البلاغية في شكل علاقة المشابهة بين شيئين يسبق التفاتهم إلى الاستعارة والكناية.