بصندوق الدنيا» ونحن أطفال … نكون في لعبنا وصخبنا فيلمح أحدنا «الصندوق» مقبلًا من بعيد فيُلقي ما بيده من «كرة» أو نحوها ويُطْلقها صيحة مجلجلة ويذهب يعدو متوثبًا ونحن في أثره، ونتعلق بثياب الرجل أو مرقعته على الأصح، فما هي بثياب إلا على المجاز، فهذا ممسك بكمه، وذاك بحزامه وآخر يده على الصندوق، وهو سائر وظهره منحنٍ تحت حمله، ولحيته الكثة الغبراء مثنية على صدره، ونحن نتلاغط حوله وتتوثب، حتى يصير بنا إلى الظل، فيضع «الدكة» الخشبية على الأرض فنكون فوقها نتزاحم ونتدافع ونتصايح ونتشاتم قبل أن تستقر على أرجلها، والرجل ساكن الطائر لا يعبأ بنا ولا يولينا نظرة ولا يحفل مَن بقي منا على «دكته» ومَن زُحزح عنها فوقع على الأرض فقام يلعن ويسب أو يبكي ويتوجع، أو يمضي إلى الحائط فيُلصِق به كتفه ويُعمِل يدَه في عينه.
وكما أن «صندوق الدنيا» القديم كان هو بريد «الفانوس السحري» وشريط «السينما» وطليعتهما، كذلك فإن هذا الكتاب هو بمثابة إطلالة في عالم الأدب الساحر والوعر والمدهش .