في المجلد الثالث من "أخبار القضاة" للإمام مُحَمَّد بن خَلَف بن حَيَّان، نتابع سِير قضاةٍ نذروا أنفسهم لإقامة العدل، ومضوا في طريقهم بثبات رغم التحديات السياسية والاجتماعية التي أحاطت بهم. هذا الجزء يُكمل ما سبقه من توثيق دقيق وتحليل عميق لمسيرة القضاء الإسلامي، مع التركيز على مواقف تختبر فيها العدالة في أدق حالاتها وأكثرها حساسية.
يقدّم هذا المجلد نماذج متميزة لقضاةٍ واجهوا الظلم، ورفضوا الانصياع للهوى أو الضغوط، فكانوا صوْت الحق في زمن كثر فيه الجور. نقرأ فيه عن حكايات لرجالٍ عُرفوا بثباتهم على المبادئ، وبُعد نظرهم، ودقّتهم في الفهم والاستنباط، ليقدّموا لنا إرثًا غنيًّا لا يقدّر بثمن.
ولا يستعرض الكتاب الوقائع سردًا فقط، بل يُبرز روح الفقه، ومكانة العقل، وأثر الأخلاق في بناء القاضي العادل. وهو بذلك يُعدّ وثيقة حضارية تضيء جوانب مهملة في تاريخنا، وتمنح القارئ فرصة للتأمل في كيفية صناعة العدالة الحقيقية.
إنه كتاب للباحث، ولطالب العلم، وللمتفكر في شؤون الحكم والناس. لكل من يريد أن يعرف كيف يكون للحق رجال، وللعدل تاريخ يُروى بفخر.